يعدالخطاب الإشهاري في عصرنا هذا صناعة إعلامية وثقافية بأتم معنى الكلمة،ولذلك فهو يحظى باهتمام كبير في مختلف المجتمعات وخصوصاً المتطورة منها،لما يتميز به من قدرة عالية على بلورة الرأي وتشكيل الوعي وفي التأثير علىالثقافة وتوجيهها في أبعادها المختلفة الأخلاقية والفلسفية.

وبالرغممن هذا فإن هذا النوع من الخطابات ما يزال يحبو ويكاد يكون مجهولا فيكتاباتنا ومناهج تدريسنا ودراستنا باللغة العربية  وبخاصة في اللغةوالأدب التي لا بد أن تتغير وتتطور وتواكب عصرها، إذ لا شك في أن الخطابالإشهاري يعد من الخطابات التي تندرج في إطار الممارسة الثقافية كالخطابالأدبي أو السينمائي أو البصري… فهو يؤثث فضاءات اليومي ويُستهلك إلىجانب الخطابات الأخرى، كما يكتسي طابعاً ثقافياً يتمثل في مكوناته اللغويةوالسيميائية والتداولية، بالإضافة إلى بعده الاقتصادي والاجتماعي المرتبطبالدعاية التجارية.

تهدف هذه الدراسة إلى محاولة البحث عن جملةالعناصر التي تجعل من الإشهار خطاباً سيميائياً وتداولياً بالنظر إلى صورهالثابتة والمتحركة بما تحمله من كفاءة وقوة على التبليغ والتواصل وما يكمنفيها من عناصر جمالية وفنية وطاقة وفاعلية في التأثير على المتلقي، وذلك أنالإشهار فن إعلامي يستند على مؤشرات مرئية مثل العناوين في كتابتهاومضامينها وأنواع الطباعة والصورة… من خلاله يمكن تأسيس تعارف وعلاقة بينالمخاطب والمتلقي أو بين المنتج والمستهلك. فهدفه ـ أولاً وقبل كل شيء ـهو تبليغ خطاب، ولذلك يتوخى أن تكون أفكاره واصفة وهادفة ويستعمل وسائلتبليغ متنوعة ومتناسقة يسخرها كلها في سبيل تحقيق الهدف المحدد.