مقدمة: شهد المشرق العربي غداة الحرب العالمية الأولى تصاعد الحركات القومية والوطنية التي توجت كفاحها باستقلال جل الدول العربية, فدخلت في مواجهات ضد الاحتكارات الأجنبية التي دعمت قيام دولة إسرائيل وساندتها في صراعها ضد العرب، لكن التطورات التي شهدتها المنطقة في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات فرضت على إسرائيل الدخول في مفاوضات مع الدول العربية بغية إقرار السلام. أولا: نشأة الدول العربية وظروفها العامة: 1/-أدت سياسة التتريك إلى تأجج الروح القومية بالمشرق العربي: ساهمت التحولات التي عرفتها بلاد الشام أواخر القرن 19م وبداية 20م في تنامي الروح القومية العربية، فاستبشر القوميون العرب خيرا بعد انقلاب الضباط الاتراك1908م وإقامة نظام دستوري، لكن سياسة الاتحاديين (الاتحاد والترقي) حطمت آمال العرب بنهجها (سياسة التتريك)في الولايات العربية، ومن أبرز مظاهرها: * تفوق العنصر التركي على العنصر العربي. *الأتراك لهم الحق وحدهم في تقلد المناصب السياسية والإدارية. *اعتبار الولايات العربية ممتلكات للأتراك. *استعمال اللغة التركية كلغة رسمية في القضاء و الإدارة... أدت هذه السياسة إلى الشعور باتحاد العرب ومطالبتهم بالمشاركة في حكم بلدانهم؛ تمثل ذلك في( المؤتمر العربي الأول 1913م) بباريس، لذلك بادرت الأطماع الأجنبية إلى استغلال المطالب العربية لتنفيذ سياستها الإمبريالية في منطقة المشرق العربي. 2/-استغلت الدول الإمبريالية الطموحات العربية لصالحها: مع اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م أعلنت انجلترا حمايتها على الكويت ومصر وحرضت بعض القوميين العرب خاصة (الحسين بن علي) شريف مكة وابنيه (فيصل) و(عبد الله) للقيام بالثورة العربية الكبرى ضد سلطة العثمانيين والوقوف إلى جانب الحلفاء في الحرب مقابل وعدهم بالاعتراف باستقلال العرب وإقامة الدولة العربية وتعيين الحسين خليفة على المسلمين. وقد لعب المندوب السامي البريطاني بمصر (السير ماكماهون) دورا بارزا في ه المناورة من خلال مراسلاته الشهيرة مع الشريف الحسين؛ إذ وعده باستعداد بريطانيا لمساعدته على استرداد الخلافة من يد العثمانيين المغتصبين لها؛ وانسياقا وراء هذه الوعود اندلعت الثورة العربية الكبرى سنة1916م، فقاد الأمير فيصل بن الحسين القوات العربية صحبة الكولونيل الإنجليزي(لورانس) نحو ميناء العقبة 1917م، وهناك التقى بالجيش الإنجليزي بقيادة (ألنبي)،فتوجه الجيشان نحو فلسطين ،وتمكنت هذه القوات من دخول دمشق في شتمبر 1918م. غير أن الحلفاء نكثوا وعودهم للعرب وخيبوا آمالهم بتآمرهم سرا ضد العرب؛ففي ماي 1916م عقدت بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية اتفاقية(سايكس بيكو) السرية والتي استهدفت اقتسام ممتلكات الإمبراطورية العثمانية بين هذه الدول الثلاث،وتوجت بريطانيا تآمرها على العرب ووحدة بلادهم مرة أخرى بإقدامها على إصدار (وعد بلفور) المشئوم في 2/11/1917م لإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين. رغم مواقف القوميين العرب اثر المؤتمر السوري 1920م فان ذلك لم يكن كافيا للحد من الأطماع الإمبريالية في المنطقة العربية.وغداة الحرب العالمية الأولى لم يف الحلفاء بوعودهم للعرب، اد عملوا على تطبيق اتفاقياتهم السرية والعلنية ومنحها صبغة الشرعية الدولية، فانتدبت فرنسا على سوريا ولبنان وبريطانيا على فلسطين والأردن والعراق. ثانيا:المشرق بين توطيد النفوذ الإمبريالي والاتجاه نحو الاستقلال: 1/شهد المشرق العربي عدة تطورات سياسية: *في العراق: قمعت انجلترا ثورة 1920 بوحشية، ثم عينت فيصل ملكا على العراق مقابل التزامه بضمان المصالح البريطانية(معاهدة1922م)، وفي سنة1924م تشكلت حكومة من الأعيان برئاسة(نوري السعيد) لكن تزايد المعارضة ضد الإنجليز -←استقلال مقابل شروط عسكرية سنة1930م(إنشاء قاعدتين جويتين بالبلاد وإشراف الضباط الإنجليز على تدريب وإدارة الجيش العراقي)←استمرار الاضطرابات ←انقلاب1958وتكوين الجمهورية. *بلاد الشام: في سوريا واجهت فرنسا حركة (العلويين)19-1920م وثورة (الدروز)1925م بزعامة(سلطان الأطرش) لكن ظروف فرنسا سنة1936 سمحت بانبعاث الثورات من جديد ←توقيع معاهدة استقلال مع سوريا1936 مقابل شروط عسكرية وعين (هاشم الاتاسي) رئيسا للجمهورية.كما وقعت فرنسا مع لبنان معاهدة مماثلة لكنها تراجعت عنهما ←توتر العلاقات مرة أخرى إلى أن ثم استقلالها بشكل نهائي سنة 1946م. *الأردن:تمكن الأمير(عبد الله بن الحسين )بعد مماطلة من الانجليزأن يوقع سنة1946م معاهدة التحالف( الأردنية –الانجليزية)← استقلال الأردن. *مصر: تمكن(حزب الوفد) بزعامة (سعد زغلول) من إرغام انجلترا على إلغاء نظام الحماية سنة 1922؛ فكلف الملك (فؤاد الأول) سعد زغلول بتشكيل أول حكومة مصرية.ومع تولي الملك (فاروق الأول) وتزايد الخطر الفاشي في أتيوبيا1936م←تصالح وطني وتفاهم مع الإنجليز :حصول مصر على استقلالها بموجب( معاهدة الزعفران ) 1936م ،غير أن مسألة الجلاء العسكري ووحدة وادي النيل ظلت قائمة←قيام ثورة الضباط الأحرار1952م(جمال عبد الناصر) وتكوين الجمهورية المصرية. *شبه الجزيرة العربية : أعلن الشريف الحسين نفسه خليفة على المسلمين لكن الزعيم الوهابي (عبد العزيز بن سعود) عارضه واستولى على الحجاز 1925م بعد توطيد نفوذه بنجد فأعلن سنة 1932م عن تكوين (المملكة العربية السعودية).أما باقي مناطق شبه الجزيرة العربية فقد مثلث محميات إنجليزية؛ لكن أمام تصاعد المد التحرري بالمنطقة اضطرت انجلترا إلى الاعتراف باستقلال هذه المحميات:اليمن الشعبية1967م/سلطنة عمان1971م/ الكويت 1961م/ الإمارات العربية +قطر +البحرين1971م. 2/- واكبت هذه التطورات السياسية تطورات اقتصادية : أدى التمركز الاستعماري بالمشرق العربي إلى تحول المنطقة إلى سوق لتصريف البضائع الأجنبية ومصدرا للمواد الأولية، فتضرر الحرفيون والمزارعون الصغار والمتوسطون وتعمقت الفوارق الاجتماعية ←التفاف هذه الفئات حول زعماء الحركة الوطنية، فاتجهت الإمبريالية المتمركزة بالمشرق العربي إلى استغلال الثروات الطبيعية والبشرية المحلية ومحاولة دمجها في دوامة السوق الرأسمالية العالمية: * الميدان الفلاحي : تحول في البنيات العقارية +إدخال مزروعات تسويقية على حساب مزروعات معيشية+استعمال ألآت حديثة...←تعزيز الارتباط بالمتربول. * الميدان الصناعي والمنجمي : استغلال الثروات المحلية ←تصدير نحو المتروبول←ارتفاع أسعار المواد الخام +دخول البضائع الأجنبية المصنعة ←تأزم الصناعات الحرفية بينما الصناعات العصرية ظلت محدودة واقتصرت على الصناعات الاستهلاكية . وفي البلدان النفطية أدى اكتشاف النفط إلى تهافت الدول الإمبريالية لتعزيز تمركزها واستغلالها لهذه الثروات؛ فمع سنة1928م سمح لشركات فرنسية وأمريكية بالمساهمة في شركة نفط العراق ←تزايد استغلال هذه الثروات خلال الحرب العالمية( 2) وبعدها.وفيما بين 50-1970م تغيرت العلاقات السعودية مع الاحتكارات الرأسمالية بمساهمتها في تأسيس منظمة( أوبيك)وإنشاء شركة وطنية للنفط 1962م وعقد اتفاقيات مع شركات غير أمريكية دون قطع علاقاتها مع الكارتيل الأمريكي←محاولة تأميم شركاتها سنة1980م. * الميدان التجاري: تدهور الميزان التجاري بفعل تفوق قيمة الواردات (مواد صناعية ) على قيمة الصادرات(مواد خام)← تزايد الارتباط بالمتربول←دخول هذه البلدان في نظام تقسيم العمل الدولي. ثالثا: القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي: 1/- عملت الإمبريالية على إقامة دولة صهيونية بفلسطين: نشطت الحركة الصهيونية أواخر القرن 19م على يد زعيمها (تيودور هرتزل) الذي ترأس المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في مؤتمر بازل(بال) 1897م بسويسرا والذي أسفر عن قيام الكيان المعنوي للدولة الصهيونية فدعى إلى جمع شتات اليهود في "أرض الميعاد". أنشأت الحركة الصهيونية- بفضل مساعدة كبار الرأسماليين اليهود- عدة مؤسسات مالية مثل:المصرف اليهودي/الصندوق القومي اليهودي /الشركة اليهودية لشراء الأراضي/تمويل الهجرة...ولقي المشروع الصهيوني دعما كبيرا من طرف الإمبريالية الأوربية؛فانفردت انجلترا بالمبادرة حيث قدمت (وعد بلفور)2/11/1917م مقابل سهر الصهيونية على مصالح الإمبريالية بالمشرق العربي.وبمساندة فرنسا وأمريكا لوعد بلفور نجح التواطؤ الإمبريالي في تسهيل قيام الكيان الصهيوني؛ ومن الخدمات التي قدمتها سلطات الانتداب البريطاني لليهود: - تسهيل مهمة الوكالة اليهودية في استقطاب المهاجرين اليهود. - الحصول على الملكيات الزراعية. - منح اليهود امتيازات اقتصادية (مد الكهرباء/البحث عن المناجم/استثمار في الفلاحة والصناعة...) تمثل رد الفعل العربي في قيام اضطرابات تزايدت حدتها مع حركة(الشيخ عز الدين القسام) الذي استشهد في 20/11/1935م + الثورة الفلسطينية الكبرى 1936م←تدخل عنيف للقوات البريطانية+تسليح وتكوين فرق عسكرية صهيونية:هاغانا/أرغون /شيتيرن... وساهمت ظروف ما بعد الحرب العالمية (2) في بروز مشروع الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين سنة 1947م إلى:دولة عربية ودولة يهودية←قيام دولة إسرائيل بانسحاب انجلترا الدولة المنتدبة من فلسطين← نفدت الفرق المسلحة الصهيونية مجازر ضد العرب (كفر قاسم / دير ياسين..)←سيطرة إسرائيل على ٪70 من الأراضي الفلسطينية وإجبار السكان العرب على النزوح إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. 2/ – دخل الصراع العربي الإسرائيلي مرحلة المفاوضات من أجل السلام: ساهم قيام دولة إسرائيل سنة 1948م في تنامي الفكر القومي والتحرري داخل البلدان العربية ←مواجهات مع الكيان الصهيوني والإمبريالية المساندة له: * العدوان الثلاثي (بريطانيا+فرنسا +إسرائيل ) على مصر بعد قرار جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس 1956م←ازدياد المشاعر القومية والتوجه نحو الوحدة: قيام وحدة بين مصر وسوريا 1958م +انسحاب العراق من حلف بغداد+اعتراف مؤتمر الدول العربية الأول 1964م بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني+المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل... * حرب يونيو 1967م: احتلت إسرائيل أراضي عربية واسعة←صدور قرار أممي رقم 242 ( سحب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير ). * حرب أكتوبر 1973م:بادرت القوات العربية المتحدة (أرسل المغرب تجريدتين عسكريتين إلى سيناء والجولان ) لاقتحام الخطوط الدفاعية الإسرائيلية فتدخلت( و.م.أ) لمدها بتجهيزات عسكرية مكنتها من التحكم في المعارك واستعادة سيطرتها على الجولان وسيناء. اقتنعت إسرائيل بعدم جدوى العمل العسكري لوحده كأسلوب لتحقيق الاستقرار الدائم لإسرائيل؛ لذلك حاولت تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بالطرق الدبلوماسية←عقدت اتفاقية (كامب دفيد) في شتمبر 1978م مع مصر برعاية (و.م.أ)← استرجاع مصر لسيناء مقابل شروط... وبفعل الأحداث التي عرفتها المنطقة:اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان 1982م +اندلاع انتفاضة الحجارة 1987م +حرب الخليج الثانية...← عقد مؤتمر مدريد 1991م ← الدخول في مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل للسلام‼

خاتمة: لا تزال إسرائيل تعتمد سياسة فرض الأمر الواقع رغم ادعائها محاولة تحقيق سلم شامل في المشرق العربي.

مقدمة: شهد المشرق العربي غداة الحرب العالمية الأولى تصاعد الحركات القومية والوطنية التي توجت كفاحها باستقلال جل الدول العربية, فدخلت في مواجهات ضد الاحتكارات الأجنبية التي دعمت قيام دولة إسرائيل وساندتها في صراعها ضد العرب، لكن التطورات التي شهدتها المنطقة في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات فرضت على إسرائيل الدخول في مفاوضات مع الدول العربية بغية إقرار السلام. أولا: نشأة الدول العربية وظروفها العامة: 1/-أدت سياسة التتريك إلى تأجج الروح القومية بالمشرق العربي: ساهمت التحولات التي عرفتها بلاد الشام أواخر القرن 19م وبداية 20م في تنامي الروح القومية العربية، فاستبشر القوميون العرب خيرا بعد انقلاب الضباط الاتراك1908م وإقامة نظام دستوري، لكن سياسة الاتحاديين (الاتحاد والترقي) حطمت آمال العرب بنهجها (سياسة التتريك)في الولايات العربية، ومن أبرز مظاهرها: * تفوق العنصر التركي على العنصر العربي. *الأتراك لهم الحق وحدهم في تقلد المناصب السياسية والإدارية. *اعتبار الولايات العربية ممتلكات للأتراك. *استعمال اللغة التركية كلغة رسمية في القضاء و الإدارة... أدت هذه السياسة إلى الشعور باتحاد العرب ومطالبتهم بالمشاركة في حكم بلدانهم؛ تمثل ذلك في( المؤتمر العربي الأول 1913م) بباريس، لذلك بادرت الأطماع الأجنبية إلى استغلال المطالب العربية لتنفيذ سياستها الإمبريالية في منطقة المشرق العربي. 2/-استغلت الدول الإمبريالية الطموحات العربية لصالحها: مع اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م أعلنت انجلترا حمايتها على الكويت ومصر وحرضت بعض القوميين العرب خاصة (الحسين بن علي) شريف مكة وابنيه (فيصل) و(عبد الله) للقيام بالثورة العربية الكبرى ضد سلطة العثمانيين والوقوف إلى جانب الحلفاء في الحرب مقابل وعدهم بالاعتراف باستقلال العرب وإقامة الدولة العربية وتعيين الحسين خليفة على المسلمين. وقد لعب المندوب السامي البريطاني بمصر (السير ماكماهون) دورا بارزا في ه المناورة من خلال مراسلاته الشهيرة مع الشريف الحسين؛ إذ وعده باستعداد بريطانيا لمساعدته على استرداد الخلافة من يد العثمانيين المغتصبين لها؛ وانسياقا وراء هذه الوعود اندلعت الثورة العربية الكبرى سنة1916م، فقاد الأمير فيصل بن الحسين القوات العربية صحبة الكولونيل الإنجليزي(لورانس) نحو ميناء العقبة 1917م، وهناك التقى بالجيش الإنجليزي بقيادة (ألنبي)،فتوجه الجيشان نحو فلسطين ،وتمكنت هذه القوات من دخول دمشق في شتمبر 1918م. غير أن الحلفاء نكثوا وعودهم للعرب وخيبوا آمالهم بتآمرهم سرا ضد العرب؛ففي ماي 1916م عقدت بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية اتفاقية(سايكس بيكو) السرية والتي استهدفت اقتسام ممتلكات الإمبراطورية العثمانية بين هذه الدول الثلاث،وتوجت بريطانيا تآمرها على العرب ووحدة بلادهم مرة أخرى بإقدامها على إصدار (وعد بلفور) المشئوم في 2/11/1917م لإقامة وطن قومي لليهود بفلسطين. رغم مواقف القوميين العرب اثر المؤتمر السوري 1920م فان ذلك لم يكن كافيا للحد من الأطماع الإمبريالية في المنطقة العربية.وغداة الحرب العالمية الأولى لم يف الحلفاء بوعودهم للعرب، اد عملوا على تطبيق اتفاقياتهم السرية والعلنية ومنحها صبغة الشرعية الدولية، فانتدبت فرنسا على سوريا ولبنان وبريطانيا على فلسطين والأردن والعراق. ثانيا:المشرق بين توطيد النفوذ الإمبريالي والاتجاه نحو الاستقلال: 1/شهد المشرق العربي عدة تطورات سياسية: *في العراق: قمعت انجلترا ثورة 1920 بوحشية، ثم عينت فيصل ملكا على العراق مقابل التزامه بضمان المصالح البريطانية(معاهدة1922م)، وفي سنة1924م تشكلت حكومة من الأعيان برئاسة(نوري السعيد) لكن تزايد المعارضة ضد الإنجليز -←استقلال مقابل شروط عسكرية سنة1930م(إنشاء قاعدتين جويتين بالبلاد وإشراف الضباط الإنجليز على تدريب وإدارة الجيش العراقي)←استمرار الاضطرابات ←انقلاب1958وتكوين الجمهورية. *بلاد الشام: في سوريا واجهت فرنسا حركة (العلويين)19-1920م وثورة (الدروز)1925م بزعامة(سلطان الأطرش) لكن ظروف فرنسا سنة1936 سمحت بانبعاث الثورات من جديد ←توقيع معاهدة استقلال مع سوريا1936 مقابل شروط عسكرية وعين (هاشم الاتاسي) رئيسا للجمهورية.كما وقعت فرنسا مع لبنان معاهدة مماثلة لكنها تراجعت عنهما ←توتر العلاقات مرة أخرى إلى أن ثم استقلالها بشكل نهائي سنة 1946م. *الأردن:تمكن الأمير(عبد الله بن الحسين )بعد مماطلة من الانجليزأن يوقع سنة1946م معاهدة التحالف( الأردنية –الانجليزية)← استقلال الأردن. *مصر: تمكن(حزب الوفد) بزعامة (سعد زغلول) من إرغام انجلترا على إلغاء نظام الحماية سنة 1922؛ فكلف الملك (فؤاد الأول) سعد زغلول بتشكيل أول حكومة مصرية.ومع تولي الملك (فاروق الأول) وتزايد الخطر الفاشي في أتيوبيا1936م←تصالح وطني وتفاهم مع الإنجليز :حصول مصر على استقلالها بموجب( معاهدة الزعفران ) 1936م ،غير أن مسألة الجلاء العسكري ووحدة وادي النيل ظلت قائمة←قيام ثورة الضباط الأحرار1952م(جمال عبد الناصر) وتكوين الجمهورية المصرية. *شبه الجزيرة العربية : أعلن الشريف الحسين نفسه خليفة على المسلمين لكن الزعيم الوهابي (عبد العزيز بن سعود) عارضه واستولى على الحجاز 1925م بعد توطيد نفوذه بنجد فأعلن سنة 1932م عن تكوين (المملكة العربية السعودية).أما باقي مناطق شبه الجزيرة العربية فقد مثلث محميات إنجليزية؛ لكن أمام تصاعد المد التحرري بالمنطقة اضطرت انجلترا إلى الاعتراف باستقلال هذه المحميات:اليمن الشعبية1967م/سلطنة عمان1971م/ الكويت 1961م/ الإمارات العربية +قطر +البحرين1971م. 2/- واكبت هذه التطورات السياسية تطورات اقتصادية : أدى التمركز الاستعماري بالمشرق العربي إلى تحول المنطقة إلى سوق لتصريف البضائع الأجنبية ومصدرا للمواد الأولية، فتضرر الحرفيون والمزارعون الصغار والمتوسطون وتعمقت الفوارق الاجتماعية ←التفاف هذه الفئات حول زعماء الحركة الوطنية، فاتجهت الإمبريالية المتمركزة بالمشرق العربي إلى استغلال الثروات الطبيعية والبشرية المحلية ومحاولة دمجها في دوامة السوق الرأسمالية العالمية: * الميدان الفلاحي : تحول في البنيات العقارية +إدخال مزروعات تسويقية على حساب مزروعات معيشية+استعمال ألآت حديثة...←تعزيز الارتباط بالمتربول. * الميدان الصناعي والمنجمي : استغلال الثروات المحلية ←تصدير نحو المتروبول←ارتفاع أسعار المواد الخام +دخول البضائع الأجنبية المصنعة ←تأزم الصناعات الحرفية بينما الصناعات العصرية ظلت محدودة واقتصرت على الصناعات الاستهلاكية . وفي البلدان النفطية أدى اكتشاف النفط إلى تهافت الدول الإمبريالية لتعزيز تمركزها واستغلالها لهذه الثروات؛ فمع سنة1928م سمح لشركات فرنسية وأمريكية بالمساهمة في شركة نفط العراق ←تزايد استغلال هذه الثروات خلال الحرب العالمية( 2) وبعدها.وفيما بين 50-1970م تغيرت العلاقات السعودية مع الاحتكارات الرأسمالية بمساهمتها في تأسيس منظمة( أوبيك)وإنشاء شركة وطنية للنفط 1962م وعقد اتفاقيات مع شركات غير أمريكية دون قطع علاقاتها مع الكارتيل الأمريكي←محاولة تأميم شركاتها سنة1980م. * الميدان التجاري: تدهور الميزان التجاري بفعل تفوق قيمة الواردات (مواد صناعية ) على قيمة الصادرات(مواد خام)← تزايد الارتباط بالمتربول←دخول هذه البلدان في نظام تقسيم العمل الدولي. ثالثا: القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي: 1/- عملت الإمبريالية على إقامة دولة صهيونية بفلسطين: نشطت الحركة الصهيونية أواخر القرن 19م على يد زعيمها (تيودور هرتزل) الذي ترأس المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في مؤتمر بازل(بال) 1897م بسويسرا والذي أسفر عن قيام الكيان المعنوي للدولة الصهيونية فدعى إلى جمع شتات اليهود في "أرض الميعاد". أنشأت الحركة الصهيونية- بفضل مساعدة كبار الرأسماليين اليهود- عدة مؤسسات مالية مثل:المصرف اليهودي/الصندوق القومي اليهودي /الشركة اليهودية لشراء الأراضي/تمويل الهجرة...ولقي المشروع الصهيوني دعما كبيرا من طرف الإمبريالية الأوربية؛فانفردت انجلترا بالمبادرة حيث قدمت (وعد بلفور)2/11/1917م مقابل سهر الصهيونية على مصالح الإمبريالية بالمشرق العربي.وبمساندة فرنسا وأمريكا لوعد بلفور نجح التواطؤ الإمبريالي في تسهيل قيام الكيان الصهيوني؛ ومن الخدمات التي قدمتها سلطات الانتداب البريطاني لليهود: - تسهيل مهمة الوكالة اليهودية في استقطاب المهاجرين اليهود. - الحصول على الملكيات الزراعية. - منح اليهود امتيازات اقتصادية (مد الكهرباء/البحث عن المناجم/استثمار في الفلاحة والصناعة...) تمثل رد الفعل العربي في قيام اضطرابات تزايدت حدتها مع حركة(الشيخ عز الدين القسام) الذي استشهد في 20/11/1935م + الثورة الفلسطينية الكبرى 1936م←تدخل عنيف للقوات البريطانية+تسليح وتكوين فرق عسكرية صهيونية:هاغانا/أرغون /شيتيرن... وساهمت ظروف ما بعد الحرب العالمية (2) في بروز مشروع الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين سنة 1947م إلى:دولة عربية ودولة يهودية←قيام دولة إسرائيل بانسحاب انجلترا الدولة المنتدبة من فلسطين← نفدت الفرق المسلحة الصهيونية مجازر ضد العرب (كفر قاسم / دير ياسين..)←سيطرة إسرائيل على ٪70 من الأراضي الفلسطينية وإجبار السكان العرب على النزوح إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. 2/ – دخل الصراع العربي الإسرائيلي مرحلة المفاوضات من أجل السلام: ساهم قيام دولة إسرائيل سنة 1948م في تنامي الفكر القومي والتحرري داخل البلدان العربية ←مواجهات مع الكيان الصهيوني والإمبريالية المساندة له: * العدوان الثلاثي (بريطانيا+فرنسا +إسرائيل ) على مصر بعد قرار جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس 1956م←ازدياد المشاعر القومية والتوجه نحو الوحدة: قيام وحدة بين مصر وسوريا 1958م +انسحاب العراق من حلف بغداد+اعتراف مؤتمر الدول العربية الأول 1964م بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني+المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل... * حرب يونيو 1967م: احتلت إسرائيل أراضي عربية واسعة←صدور قرار أممي رقم 242 ( سحب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير ). * حرب أكتوبر 1973م:بادرت القوات العربية المتحدة (أرسل المغرب تجريدتين عسكريتين إلى سيناء والجولان ) لاقتحام الخطوط الدفاعية الإسرائيلية فتدخلت( و.م.أ) لمدها بتجهيزات عسكرية مكنتها من التحكم في المعارك واستعادة سيطرتها على الجولان وسيناء. اقتنعت إسرائيل بعدم جدوى العمل العسكري لوحده كأسلوب لتحقيق الاستقرار الدائم لإسرائيل؛ لذلك حاولت تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بالطرق الدبلوماسية←عقدت اتفاقية (كامب دفيد) في شتمبر 1978م مع مصر برعاية (و.م.أ)← استرجاع مصر لسيناء مقابل شروط... وبفعل الأحداث التي عرفتها المنطقة:اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان 1982م +اندلاع انتفاضة الحجارة 1987م +حرب الخليج الثانية...← عقد مؤتمر مدريد 1991م ← الدخول في مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية للتوصل للسلام‼

خاتمة: لا تزال إسرائيل تعتمد سياسة فرض الأمر الواقع رغم ادعائها محاولة تحقيق سلم شامل في المشرق العربي.